رام الله مكس- بقلم مهيب موعد
…وعاد الموت مجدداً إلى أحياء وزواريب مخيم عين الحلوة، حصد بمنجل قهره أرواحاً.. وخلّف جرحى، أحرق منازل، روّع أطفالاً ونساءً، هجر عائلات نحو الجوار القلق..
كنا نظن أن هذا الضباب الأسود تلاشى، والحياة دبت من جديد في جسد هذا المخيم المتعب، غير أن ما تكرر كان مأساوياً… فانطفأ سراج الأمل في النفوس.. وقفزت إلى الذاكرة الملأى بالصُور القائمة، عشرات الأسئلة عن المصير، والهدف، والغاية من هذا المصاب المجاني!!
في هذه الزاوية كان طفل يحلم بالعودة إلى مقعده الدراسي قريباً…
وفي تلك الزاوية عامل يكدُّ من أجل توفير رغيف كرامة لعائلته..
وهنا صوت بائع خضارٍ متجول ضاع وسط أزيز الرصاص..
وهناك أمرأة مريضة تسعى لتوفير حبة دواء…هبط الليل فجأة…كتم الأصوات…وخنق العبارات.. وغابت الابتسامة عن حدقات عيون الأطفال…وفجأة المخيم يشتغل!! من أشعل النار في هذا القلب المرهق؟
من يستخف بهذه الأرواح البريئة؟
وإلى متى يظل الناس في هذه المتاهة العمياء؟
هل ما حصل يخدم الداعية للرحيل إلى المنافي البعيدة؟
هل المقصود إسقاط ورقة المخيم الشاهد الوحيد على وجود اللاجئ الفلسطيني؟ وتالياً ما المكسب الذي يمكن أن تنجزه الصواريخ العمياء في هذا المقر المؤقت للفلسطيني؟
الدم الفلسطيني غالٍ جداً…له مكانه وزمانه وفضاءه المقدس…لا يجوز أن يهدر على أبواب الضياع والفتنة…الدم الفلسطيني قنديل الفرسان الذين يتحضرون لرحلة العودة. كفى سكاكين في صدر الحالمين بوطنهم..
كفى دموعاً تسكب في أكواب الحرمان..
كفى وكفى وكفى فعين الحلوة يستحق منا زهور محبة بدل عبوات الموت !!
