الخميس:
2024-03-28
17º

"اسحبلك سحبة" .. . حكاية مدمن في رام الله وكيف تخلّص من السُم ؟

نشر بتاريخ: 14 سبتمبر، 2017
"اسحبلك سحبة" .. . حكاية مدمن في رام الله وكيف تخلّص من السُم ؟

رام الله- خاص رام الله مكس

“اسحبلك سحبة”، هكذا بدأت قصة الشاب “خ. م”، من إحدى قرى رام الله مع المخدرات، حيث كان في السادسة عشرة من عمره، سهرة سمر واحدة مع رفاقه “المتعاطين” كانت كفيلة بأن تقرر مصير سنوات عديدة من حياته، ليقضيها في صراع مع مرض الإدمان.

يروي المتعاطي حكايته لــ”رام الله مكس” قائلا: كنا مجموعة كبيرة من الشباب نسهر يوميا في زقاق القرية، وذات يوم جاء أحدهم بمادة بنية اللون، بحجم الأصبع، مؤكدا أن سحبة واحدة منها ستجعلنا “نطير” وننسى الدنيا وما فيها.

ولعل لذة وصف الشاب “صديق المتعاطي” للمادة المخدرة، أثارت فضول “الشلة” بأكملها، حسب تعبير “خ.ع”، فجربوا جميعا، وكان عددهم ستة شباب، كلهم أصبحوا مدمنين الآن، وأحدهم بدأ يشتري المواد من تجار المخدرات فيما بعد ويبيعها لشباب القرية، بهامش ربح معين، أي أنه أصبح تاجرا حقيقيا!! وحسبما أفاد مدير دائرة مكافحة المخدرات، العميد ابراهيم ابو عين، أن هذه المادة “البنية اللون”، أو “الحشيش” كما تسمى، الأكثر انتشار في فلسطين، كغيرها من بقية دول العالم وهي بالأصل مصنوعة من أوراق نبات القنب التي تحتوي على مواد كيمياوية مهلوسة تسبب جفاف الحلق، وتؤثر على الجهاز العصبي.وأضاف ابو عين: أن أنواعا أخطر من الحشيش يتم تعاطيها من قبل الشباب في الاونة الاخيرة، وتعرف بالحبوب أو المواد الكيمياوية، حيث يتم تصنيعها بخلط مادة الاسيتون مع براز الفئران، وهي تشكل سموم حقيقة منتشرة في أيدي الشباب.

ويبدو أن “الحشيش” الذي كان يتناوله الشاب، بمعدل مرتين يوميا، لم يكن إلا عتبة الطريق للمتعاطي “خ.م” فبعد فترة لم تتجاوز الشهور، ما عاد مفعولها يجدي نفعا، فكان لا بد من البحث عن نوع آخر أكثر فعالية منه، وكان الخيار الأقرب والأكثر توفرا “الهايدرو”، وهو أحد انواع المواد الكيمياوية التي تحدث عنها… أعلاه.ويصف المتعاطي مادة الهايدرو قائلا: هي عبارة عن مادة بيضاء تشبه “الطحين”، ما إن يتناولها الشخص حتى يشعر بنوبة من الهلوسة، وتبدأ أعضاء الجسم كلها بالرجف، لمدة تستمر 15 دقيقة تقريبا، ثم يذهب مفعولها، وتكمن خطورتها في أن الشخص مع الوقت لا يستطيع العيش خارج هذه النوبة بتاتا!”

ويضيف: خلال أسبوع فقط لا غير، أصبحت استنشق ” الهيدرو” بمعدل 25 مرة يوميا، أذكر ليال كنت أصحو فيها من نومي لأخذ الجرعة، وهو شعور لا يدرك معناه إلا من عاشه.” قد يكون أقسى ما تعرض له “خ.م” هو أن يفقد شاب بعمر الورود عقله تماما، ليصبح “خارج التغطية”، لمدة تجاوزت السنتين، رغبة منه في عيش الحياة “بزهزهة”، و “مسكة راس” كما وصفها.أما عن العلاج والرغبة في التخلص من حالة الادمان التي كان يعيشها، فلم يتوانى الشاب لحظة عن المحاولة واستمرار المحاولة في سبيل الانتهاء منها، فعندما كان يتعاطى الحشيش، كان ينوي بعد كل “سحبة” أنها “آخر مرة”، حتى كانت آخر مرة يتعاطى فيها الحشيش هي أول مرة يستنشق فيها “الهايدرو”، وهكذا.. ويصف “خ.م” تجربته الحقيقة والاخيرة للتخص من مرضه وإدمانه، قائلا: أسبوع كامل، لم أتناول فيه “الهايدرو” ولا أي نوع مخدر آخر، لا أبالغ لو قلت أنني رأيت الموت مرات عديدة بين عينيي، غبت عن الدنيا وحييت مرة أخرى، كل الأعراض الجانبية من إسهال، وتقيء وجفاف ونوبات رجف وصداع شديد وغيره حدثت معي، إضافة إلى حالة من الغياب عن الوعي والهذيان والصراخ عشتها، لا كلمة يمكنها أن تصف ذاك الأسبوع، لا كلمة!”

وفي موضوع العلاج تحديدا، أكد مدير دائرة الرعاية الاولية في وزارة الصحة، د. أسعد الرملاوي، أن عدد من يخضعون للعلاج من تعاطي المخدرات حاليا، هو 55 شخص، مؤكدا أن الوصول إلى المتعاطين وإخضاعهم للعلاج أمر يحتاج تضافر كل الجهود المبذولة من الصحة والشرطة والمجتمع المحلي، إضافة الى تعاون وتفهم كبير من قبل العائلة، لتخليص ابنهم من هذا المرض.وحدها الإرادة الصلبة أنقذت حياة شاب في مقتبل العمر، قبل أن يربط مصيره بمصير إنسانة ستكون زوجة وشريكة حياة، وأم أطفال، ربما كانت ستذوق الويلات لو لم يقلع عن التعاطي قبل أشهر قليلة من ارتباطهما.

وينهي المتعاطي حكايته، بكلمات مؤلمة، تلخصت في أن مئات الشباب من قرية واحدة لا زالوا يتناولون ذاك السم القاتل، وهم كلهم بحاجة ليد عون تمد لهم وتنقذهم مما بلاهم، وإلا فيسكون مصيرهم قريبا الى الهاوية.

أسعار العملات
دولار أمريكي
دولار أمريكي
3.667 - 3.661
دينار أردني
دينار أردني
5.179 - 5.156
يورو
يورو
3.972 - 3.964
الجنيه المصري
الجنيه المصري
0.077 - 0.077
الخميس 28 مارس، 2024
17º
الصغرى
العظمى
17º