الجمعة:
2024-04-19
17º

"قانون الضمان الاجتماعي" جمع قلبين في حراك سلمي.. ومليون دينار "نكاية" في وزير العمل

نشر بتاريخ: 14 يناير، 2019
"قانون الضمان الاجتماعي" جمع قلبين في حراك سلمي.. ومليون دينار "نكاية" في وزير العمل

رام الله-رام الله مكس

تُدرك كل فتاة أنها لن تجد شريك حياتها فجأة، ولن تعثر على فتى أحلامها الذي رسمته في مُخيلتها، حاملاً مواصفات فصلتها على قياس حياتها، مُتيقنة أنها لو وجدته كما تتمنى، ستعيش أيامها بحب وانسجام، فهذا الشريك “الافتراضي” ما هو إلا انعكاس شخصيتها.

ومع ذلك، لم تتخيل الشابة الفلسطينية الجميلة “إسلام الفايز 28 عاماً”، أن ذلك سيتحقق، وستجد روحها، فالأرواح جند مجندة، والإنسان يجذب من يُماثله في الوعي والطاقة، وهذا ما حدث معها حرفياً، لكن المثير في قصتها مكان اللقاء والتعارف.

من كان يتخيل أن اسلام ستجد فارس أحلامها أثناء مُشاركتها في حراك احتجاجي يُطالب بإسقاط قانون الضمان الاجتماعي في مدينة رام الله؟ حيث التقت بالشاب محمد القروي (34 عاماً) أثناء تواجدها في ورشة خُصصت لمناقشة القانون الذي يرفضه كلاهما، لتشتعل شرارة حب يُشبه ما نُشاهده ونقرأه في الأفلام والروايات، وتُحدث ضجة عبر مواقع التواصل الاجتماعي دون معرفة تفاصيلها الجميلة، وأدق لحظاتها التي غيرت مُستقبل شابين إلى الأبد.

ولأن الجمال يكمن في التفاصيل، التقت “دنيا الوطن” العروسين اللذين سردا قصتهما بكل شغف، مؤكدين أنها تتويج لرسالتهم الأهم، وهي الاستمرار في الحراك السلمي ضد قانون الضمان الاجتماعي.

أرواح تتجاذب تقول اسلام: “أنا من الأشخاص التي كانت ضد قانون الضمان الاجتماعي منذ عام 2016، وشاركت في اعتصامين آنذاك، ولم يكن مُعظم الناس وقتها يُدركون كم سيكون هذا القانون دماراً على الشعب، وحين عادوا وأقروا القانون مرة أخرى عام 2018، عدنا لحضور مناقشات وحوارات تُناقشه”.

وأضافت: ” كنت أعلم أن هذا القانون ظالم، لكني لا أعلم التفاصيل كافة، وبحكم عملي كمديرة موارد بشرية، كان يهمني أن أقف على أدق التفاصيل”.

بقيت اسلام تُتابع التجمعات التي قد تُشبع فضولها، وفي أحد الأيام قادتها الصدفة إلى قراءة إعلان أثناء تصفحها (فيسبوك) بوجود مناقشة حوارية في فندق (السيزر) في المصيون، يُناقش القانون بوجود لجنة من مؤسسة الضمان الاجتماعي، والدعوة عامة للكل.

أصرت اسلام أن تكون من الحضور الذي وصل عدده تقريباً إلى 400 شخص، تقول لـ “دنيا الوطن”: “حدث حوار مستفز في الورشة من قبل أعضاء لجنة الضمان، دفعنا ذلك للوقوف والصراخ، فوقف شاب وتكلم بجرأة، ومن هنا كانت الشرارة أساساً لانطلاق الحراك السلمي”.

وأضافت: “ذلك الشاب قال كلاماً مهماً، صرخ بصوته ولكني شعرت أنه يصرخ نيابة عني، قال كل ما تمنيت أن أقوله أنا، وتساءلت في داخلي هل بقى رجال يرفضون الظلم ولا يخافون المساءلة، ويقولون رأيهم بكل شجاعة؟”.

وقوف هذا الشاب “الشجاع” جعل إسلام غير قادرة على الصمت، فحاولت الحديث لكنهم رفضوا إعطاءها الميكرفون، لكنها أصرت على الحديث حتى لو بدون ميكرفون.

لفتت إسلام نظر الشاب الذي لم يعلم أنه كان مُلهمها، ولم تعلم أنه تساءل مثلها “من هذه الفتاة القوية؟”، وخرجا كلاهما من القاعة، لكنهما لم يخرجا من عقول بعضيهما.

اللقاء الأول وقرار مصيريأصرت إسلام على لقاء محمد الذي بقى عالقاً في ذهنها، تقول: “كنت أريد التحدث معه؛ ليشرح لي أكثر عن القانون، لأنه كان واضحاً أنه مُلمٌ بأدق تفاصيله، وبالفعل تواصلنا واتفقنا على اللقاء”.

اللقاء الأول كان زاخراً بقانون الضمان الاجتماعي، لكن محمد فاجأ اسلام في نهاية حديثهما بإلقائه شعراً من كتابته، فسألته مُندهشة “هل تكتب الشعر؟” ليُجيب متحمساً: “طبعاً، شعر وطني وثوري، وشعر حب”.

تقول إسلام: “كنت سعيدة جداً بأنه إنسان مُلم بالكثير من الثقافات، وهو كان يضحك بطريقة غامضة، وحين سألته عن السبب، قال لي ستعرفين لاحقاً”.

غادر كل من محمد واسلام، وتواصلا عبر (فيسبوك)، وكان حديثهما يدور جُله حول قانون الضمان إلى أن فاجأها محمد بقوله “إسلام أنتِ لي”.

تسترجع إسلام ذلك اليوم: “قلت له لم أفهم، فقال لي أريدك زوجة لي، فأخبرته أن يتوقف عن ممارسة الجنون، خاصة أنني لا أفكر بالارتباط وأرفضه، فقال لي اليوم أو غداً، ستكونين لي وسأثبت لك ذلك”.

وقعت إسلام في حب محمد، الذي رأت فيه رجلاً قوياً يكره الظلم، ولم يستمر حديثهما لمدة أسبوع قبل أن يُفاجئها بـ”جاهة” ضخمة تضم 450 شخصاً، جاؤوا لمنزل عائلتها لطلبها للزواج.

زواج وسط الاعتصاماتتقول إسلام: “خلال فترة خطبتنا بتاريخ 2/11/ 2018، حدث أكثر من اعتصام، وكنا أنا ومحمد نمشي سوياً لنتكلم بصوت الغلابة والعمال المظلومين، الذين لا يدركون بعد كم سيؤذيهم هذا القانون، وحتى اعتصام المبيت في دوار المنارة لمدة 3 أيام، صامدون فيه وسنبقى معهم حتى الصباح”.

وبديهياً، قرر محمد وإسلام أن يتم عقد قرانهم أمام العالم أجمع، أثناء المسيرات السلمية ضد القانون، تقول إسلام: “لم يكن هذا القرار عبثاً، أردنا إيصال أكثر من رسالة، أولها للمسؤولين بأنه رغم كل شيء سيئ ورغم الظلم ومحاولة التهجير، نحن هنا وسنبقى هنا، أما الرسالة الأخرى للمظلومين، بأننا نحن منكم ومعكم منذ البداية، لذلك أردنا منكم أن تشهدوا على زواجنا”.

لم يكن العثور على مأذون لكتب الكتاب أثناء الاعتصام أمراً سهلاً، فالأغلبية- كما تقول إسلام- رفضوا عقد قرانهما خوفاً من المُحاسبة، لكنهم استطاعوا أخيراً إقناع أحدهم، وخلال الاعتصام قام خالد دويكات المتحدث باسم الحراك بتهنئتهم، وسرد قصتهم باختصار، وتم عقد القران بحضور العائلة والأصدقاء والمُشاركين في الحراك.

وتؤكد إسلام: “سنبقى مصرين ومعتصمين إلى حين سقوط هذا القانون، ويومها سيكون زفافنا”.

“هذه هي فتاة أحلامي”أما محمد الذي يعمل في شركة إنترنت فلسطينية بالدائرة المالية، يستذكر اللحظات الأولى التي رأى فيها إسلام: “بعد مضي 20 دقيقة من الجلسة الحوارية، سمعت فتاة تتمرد على الواقع وتصرخ بأعضاء الضمان وتقول “بمايك بدون مايك بدي أحكي، حقي أقول رأيي، احنا جايين نعبر عن رأينا”.

يستطرد محمد في حديثه لـ “دنيا الوطن”: ” أكملت إسلام حديثها بجرأة، وفي هذه اللحظة، نكزت صديقي وقلت له هذه هي”.

وأضاف محمد: “شخصية إسلام الواضحة وجرأتها هو ما جذبني إليها، وحاولت الوصول إليها بعد الجلسة لكن عبثاً كانت محاولاتي فأنا لا أعرف حتى اسمها، إلى أن تم نشر فيديو لمداخلتي عبر (فيسبوك) فوصلتني طلبات صداقة كثيرة كانت هي من ضمنهم”.

وافق محمد على طلب الصداقة الإلكتروني فوراً، ونسي كل ما يدور حوله، وذهب ليتحدث معها فقط.

يقول محمد: “طلبت مني إسلام أن أشرح لها أكثر عن قانون الضمان ومواده، كونها تعمل في إدارة تنمية بشرية، وتريد توضيحات لترد على استفسارات الموظفين وإدارة شركتها في الاجتماعات القادمة، فتبادلنا أرقام الهواتف، وقررنا أن نلتقي في اليوم التالي”.

يسترجع بدوره ذكريات اللقاء الأول: “خالجني فجأة شعور جميل جداً فما كان مني إلا أن ضحكت بصوت عالٍ، وحين سألتني عن السبب أخبرتها أنها ستعلم لاحقاً، وبعدها اعترفت لها بأنها ستكون زوجتي ولو بعد ألف سنة”.

وعن هذه الثقة المُفرطة بأن إسلام ستكون من نصيبه، قال محمد: “كنت أعلم أنني لن أُفرط بها مهما حدث، وأنها الإنسانة التي سأتشرف بكونها زوجتي”.

مليون دينار رسالة لـ”أبو شهلا”وأَضاف: “عقدنا قراننا بين الناس وجعلنا الحراكيين شهوداً على زواجنا، فهم الذين ناموا بالشوارع، ورفعوا أصواتنا، وكانوا سنداً للمستضعفين، لذلك كان شرف لنا أن نعلن زواجنا بين ومع هؤلاء الأحرار، ولتوجيه رسائل للقائمين على الضمان بأنكم إذا كنتم تريدون سرقة الحاضر والمستقبل بضمانكم، فنحن نضمن حاضرنا ومستقبلنا بشريك العُمر”.

وكشف محمد لـ (دنيا الوطن) أن المهر كان ليرة من الذهب فقط، يقول: “في ظل غلاء المهور وعزوف الشباب عن الزواج، أخبرني والد إسلام حرفياً، أن ابنته ليست بضاعة ليُساوم على سعرها، وطلب فقط ليرة ذهب معلقة بسلسلة مهراً لها، لتكون هدية لابنتنا القادمة يوم زفافها”.

أما المتأخر فكانت قيمته “فلكية”، حيث أقر المأذون متأخراً لإسلام بقيمة مليون دينار، يقول محمد: “هذه رسالة لوزير العمل مأمون أبو شهلا، والذي قال في لقاء عبر إذاعة الراية “بدل أن تصرف مالك على احتياجات المدام والأولاد، نحن نأخذهم ونستثمرها لك ونعطيك إياها لاحقاً”، فأردت بقيمة المتأخر أن أخبره أننا نتعب ونتحمل المر من أجل سعادة المدام وراحتها، فحياتنا كلها لها وليست لك أنت”.

أسعار العملات
دولار أمريكي
دولار أمريكي
3.802 - 3.798
دينار أردني
دينار أردني
5.370 - 5.349
يورو
يورو
4.063 - 4.056
الجنيه المصري
الجنيه المصري
0.079 - 0.078
الجمعة 19 إبريل، 2024
17º
الصغرى
العظمى
17º