رام الله مكس
“أوقفتني بالشارع – عرضت عليّ الخطبة عبر الفيسبوك – صوّرت في حفل زفاف وحكتلي بدنا عروس – تابعتها من مكان عملها – بناتي مش للعرض”: هذه بعض الطرق المتبعة للخطبة استخدمتها أمهات وعبّرت فتيات عن استيائهن من وجودها، فإلى متى سنبقى بهذه التصرفات وما هو علاجها؟ كان يوماً لم تنسَ تفاصيله الدقيقة: خرجت من بيتها في تمام الساعة الثانية ظهراً لتلحق بمقابلة عمل هي الخامسة والعشرون على حدّ قولها، لكن دقائق قليلة في حادثة سمعت بوجودها من صديقاتها جعلت يومها أشبه بنوبة بكاء.
تقول ميساء (24 عاماً) – اسم مستعار- من مدينة طولكرم: “الاستهانة بكرامة الفتيات بطرق للخطبة كهذه أمرٌ معيب، هذه الأساليب عفى عليها الزمن، لكن لا زالت متجذرة حتى وقتنا هذا، ولا تدرك إحداهنّ مدى الضرر النفسي الذي يلحق بنا نحن الفتيات”.
توقّفت ميساء خلال تجوالها في شوارع طولكرم بعد طلب من إحدى السيدات أن تذهب معها إلى محل للملابس بسرعة، وتحت أزمة السيّارات والأشخاص المتواجدين لبّت طلبها لتكون أحد العروض لشخص يقربها يريد الزواج من فتاة.
“شوف هالعروس الحلوة بيضا ودمها خفيف وقبلت تيجي معي”، قالت السيدة هذه الكلمات فصرخت ميساء بها معبّرة عن استيائها من تصرفها وغادرت المكان، لكن السيدة لحقت بها وقالت: “يرضى عليك يا ابنتي، ما صدقنا نلاقيكي”. زاد غضبها، فطلبت الابتعاد عنها مهدّدة إياها بجلب الشرطة.
خطبة فيسبوكية!
ديما اسم مستعار لفتاة تسرد أن والدتها عندما توجهت لخطبة عروس “مهندسة” وطلبت مشاهدة الفتاة، قالت لها والدتها إن هذا هو حساب الفيسبوك لابنتي، فليحدّثها ابنك وإن أعجب بها قولوا لنا. تعرب ديما عن استيائها من هذه الطريقة وتقول: “ماذا سيفعل الفيسبوك؟ هل هي خطبة أم لحظات تعارف؟ أيكون التحدث عبر مواقع التواصل الاجتماعي أفضل من جلسة الفتاة مع الشاب وجهاً لوجه؟”.
في حالة أخرى تتحدّث أمّ سامر (56 عاماً) من بلدة عنبتا شرق طولكرم: “توجهنا لأحد البيوت لخطبة فتاة أعجبنا بها لأنها موظفة ووجهها جميل ولا يعيبها شيء، وقبل أن نغادر منزلهم طلبنا حسابها على موقع الفيسبوك كي نتعرّف عليها”.
بحثت أم سامر باستعانة ابنها “العريس” عن حساب الفتاة، وبعد أن وجدت على حدّ قولها “لايكات” من شباب، اعتذرت لأهل الفتاة بحجّة عدم النصيب، مبيّنة لابنها أن الفتاة “غير أخلاقية” بدواعي وجود الشباب على حسابها الفيسبوكي، وأنهت حديثها: “مش زابطة أكيد”.
متابعة من مكان العمل!
تقول أم شادي (44 عاماً) من مدينة طولكرم: “بعدما سمعنا عن فتاة للخطبة ولا ينقصها شيء، قمنا بمتابعتها من مكان عملها حتى مغادرتها وسيرها في الشارع لنتأكد من أخلاقها وعدم وجود أيّة علاقات لها، وبعد ذلك قمنا بالتقدم ليدها وهي الآن زوجة ابني”.
حفل زفاف!
تعرضت المصورة الصحفية رانيا نصاصرة (20 عاماً) من بلدة بيت فوريك شرق نابلس لمواقف مشابهة حيث تذكر: “كنت أسير في نابلس، فأوقفتني إحدى السيدات بداعي أن ابنها عمره 27 سنة طالبة موافقتي على الخطبة”. وبعد رفض نصاصرة الطلب أنهت السيدة حديثها قائلة: “على شو شايفة حالك”.
أما الموقف الآخر الذي واجهته نصاصرة، فكان حين تصويرها لحفل زفاف لتأتي سيدة لا تعلم عنها شيئاً باتجاهها في عرض للزواج من ابنها المتزوج والذي لديه شقة ويريد الزوجة الثانية، فقالت لها نصاصرة: “أحترم عمرك، لكن لا أريد”، فرمقتها السيدة بنظرة غريبة وعادت أدراجها.
حسب نصاصرة، فإن هذه الأساليب دليل على فشل العلاقات وازدياد المشاكل وحالات الطلاق. أما الشابة منيرة نعنوف (22 عاماً) من مدينة نابلس، فتعبر عن رأيها حول طرق الخطبة بالقول: “مستحيل أن أخطب شخصاً لا يعرف على الأقل أدنى المعلومات أو أبسط الأشياء عني، لو تقدم لي أحدهم بخطبة في الشارع سأقول له أين بيت أهلي؟ أما عبر الفيسبوك فلا أطيقها أبداً”.
ليست صالة عرض!
يتحدث المحاضر في كلية الشريعة في جامعة النجاح د. سعيد دويكات: “بالنسبة لموضوع الخطبة يجب احترام كرامة الفتاة بطريقة الاختيار، لو تعرف الإنسان على فتاة بطريقة مباشرة أو بواسطة، ثم ذهب بالطرق الشرعية وخطبها من أهلها فلا بأس، لكن أحياناً من خلال الواسطات يكون فيها امتهان كأن تأتي امرأة وتطلب من الأم رؤية جميع بناتها لتختار واحدة منهنّ، فلا يجوز، لأنها ليست صالة عرض”.
ويتابع دويكات: “أيضاً بخصوص من تأتي كل يوم والآخر لرؤية الفتاة، فيجب التأكد من جدّية أهل العريس في التقدم للخطبة، لأن الفتاة ليست للعرض وكالبضاعة ولها احترامها وكرامتها ويجب المحافظة عليها”.
ويشدّد دويكات على الأهالي في الحفاظ على بناتهم وعدم عرضهنّ، مختتماً حديثه: “إذا أراد الإنسان أن يعد للعشرة عند تزويج ابنه، فيجب أن يعدّ للمئة عند تزويج ابنته”.
الكاتبة: إيمان فقها
المحرر: عبد الرحمن عثمان
دوز
