سلفيت- رام الله مكس-عهود الخفش
لم تعلم “نهاية” من محافظة سلفيت، أن حياتها ستتحول إلى جحيم بعد وفاة والدتها، فبعد أن قرر والدها الزواج، زوجها لكي تكون الراحة له ولعائلته المستقبلية، لتجد ظلماً أشد قسوة من زوجها الذي جعل منها شبه إنسانة، فالقهر والحرمان من كل شيء هو حالها وحتى حرمت من فلذة كبدها.
استقبلتنا بغرفة قديمة مظلمة غير مؤهلة للسكن، أجلستنا على كرسي متهتك، وأخذت تحدثنا بلهفة وبكلمات سريعة وكأنها تريد إيصال رسالتها لنا بأقل فترة زمنية ممكنة، وقبل أن تكمل حديثها وإذا بحاج كبير بالعمر يحمل عكازه يهم بالهجوم علينا وطردنا مع ابنته خارج الغرفة؛ لتأخذنا بدموعها إلى منزل أختها المتزوجة التي تؤويها في معظم الأوقات.
وبعد أن هدأت من روعها، بدأت تحدثنا بكلمات متقطعة عن معاناتها قائلة: “زوجي ظالم ووالدي أظلم وهذه هي حياتي التي أعيشها في الشوارع لا والدي يريدني البقاء مع عائلته ولا إخوتي بإستثناء أخ ولكن زوجته لا تريدني ببيتهم ودائماً مشاكل بينها وبينه، فألجأ إلى أختي ولكنني أخجل من العيش معها.
وتواصل بحرقة قبل خمس سنوات ضربني زوجي وطردني، فذهبت إلى منزل أهلي وتوجهت إلى المحكمة ورفعت قضية من أجل أخذ أولادي من ضرتي وأن يكون لنا نفقة، فكانت القضية لصالحي وحكم القاضي بإعطائي أبنائي ونفقة بمقدار 200 شيقل، وبعد معرفة زوجي بقرار المحكمة، جاء إلى والدي ليتم بيعي مرة أخرى بـ 200 شيقل لوالدي، والذي بدوره أجبرني على العودة لزوجي، وأنه غير مجبور بي ولديه عائلته ليهتم بها.
طأطأت رأسها في حزن وبدأت دموعها بصمت تنزل على وجنتيها وكأنها تتذكر شيئاً ما لتواصل حديثها بحرقة وحسرة قائلة “لا أعرف كيف أصبح يحيى وعمره (11 عاماً) وجنى وعمرها (9 أعوام) ولا أعرف كيف أصبحت أشكال وجهيهما ولا تفاصيلهما، حرمني منهم وأعمارهم ما بين تسعة شهور وسنة، وكان يكتفي برؤيتي لهم عند زيارته لزوجاته الأخريات، فيأتي بهم لدقائق، فكيف لضرتي أن ترضى بسلب أبنائي مني؟ لذلك أطالب وأناشد جميع المؤسسات الحقوقية والإنسانية بعودة أبنائي لحضني، ومساعدتي على الخلاص من زوجي وتأمين مأوى لي ولأبنائي.