الجمعة:
2024-04-19
17º

إليكم القصة الكاملة للشاب المغدور عبد القادر الحسيني من مدينة الناصرة

نشر بتاريخ: 30 ديسمبر، 2016
إليكم القصة الكاملة للشاب المغدور عبد القادر الحسيني من مدينة الناصرة

رام الله مكس- وكالات

10 سنوات قضاها قسرًا بعيدًا عن العائلة طالبًا للعلم ما بين ألمانيا وأرمينيا، سعى ليالٍ زاخرة بالكدّ والاجتهاد كي يكون طبيبًا، وكان سيكون ما أراد بعد عام، إلّا أنّه قضى نحبه ضحيّة للعنف بعد يومين من وصولهِ إلى الناصرة، مسقط رأسه، برصاصٍ حيّ وضمير ميّت لم يتح له أن يكونَ جرّاحًا للعظام كما حلم دومًا، ولتنفذ العائلة وصيته بعد موته بالتبرع بأعضائه لكل مريض محتاج.

قرر الطبيبُ المغدور عبد القادر الحسيني العودة إلى البلاد لجمعِ بعض المال وإعالة نفسه في التعليم والسكن، وذلك عن طريق مساعدة والدهِ في العمل بالنحاس، هو الذي أطفأ 32 شمعة من عمره فقط، قُتِلَ أسفل منزلهِ الواقع في حيّ الكروم بالناصرة، بتاريخ 23.12.2016، على يد قتلة مجرمين حين كان يعمل هو وشقيقه الأصغر محمد في قطع النحاس، في العلن وسط شارعٍ مزدحم بالمنازل والمارّة.

قُتل على وقع صوت الأذان

لم يدرِ عبد القادر الحسيني أنّ ماكينة قطع النُحاس التي اشتراها قبل يوم واحد من قتله كي يعمل بها ليجمع الرزق بالرغم من كونه طبيبًا، ستبقى شاهدة على قطراتِ دمهِ المسفوكة ظلمًا بينما الشقيق الأصغر استطاع النجاة، لكنهُ أصيب برصاصٍ اخترق مناطق متفرقة من جسده.

بصوتٍ يملكه الحزن وعينان تلتمسان العدالة، أمسك الوالد محمود الحسيني، شهادات ابنه العلميّة التي حصل عليها من ألمانيا وأرمينيا، وقال لـ’عرب 48′ إن ‘ابني قُتل ظلمًا، قُتل حين بدأ صوت الآذان الذي لم ينزل وقع تكبيراته ولو قطرة من الرحمة على قلب قاتليه، قتلوه على وقع الصلاة، وأنا أحتسبه شهيدًا عند الله’.

وعن تفاصيل جريمة القتل قال الوالد إن ‘سيارة مجهولة كانت تسير في الحيّ وحين اقتربت من باب معمل النحاس بدأت بتخفيف سرعتها إلى أن أصبحت موازية لولدي الاثنين اللذين كانا يعملان بالنحاس، بدأ المجرمون بإطلاق النار عليهما، فحضن أحدهما الآخر وشهدا أن ‘لا إله إلا الله’ و ‘الله أكبر’ حيث قُتل أحدهما وأصيب الآخر’.

المغدور عبد القادر محمود الحسيني

‘لا للثأر… نفوّض أمرنا لله’

كرر لي الوالد الثاكل بحزنٍ شديد: ‘أنا ليس لي دخل بالمشاكل، لا من قريب ولا من بعيد، وقد توجهت لعائلتي الموسعة التي تحمل ألقابًا مختلفة كالفاخوري والحسيني أن لا يجري ارتكاب جرائم، ودعوت لحقن الدماء ولا نريد المشاكل، بل نستعين بالله الذي خلق الكون وهو أقوى من عباده’.

وتابعَ أنّ ‘المجتمع العربيّ للأسف يلجأ لشراء الأسلحة لأخذ الثأر، وأنا أوصي المجتمع باللجوء إلى الله لا إلى السلاح كي يتوقف العنف، فالدمّ لا يجرّ إلا الدم، وبعض الناس يبيع كل ما تملك لشراء الأسلحة حتى يصل الأمر ببعض الرجال والأزواج ببيع الذهب والصيغة للزوجة حتى يتسنى لهم شراء الأسلحة كي تدمر الناس والمجتمع’.

ووجه الحسيني رسالة إلى كل من يفكر بأخذ الثأر ‘توجهوا إلى الله لأنّ الله لا ينسى عباده إن كانوا على حق، وأقول في جريمة قتل ابني حسبي الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله’. بالإضافةِ إلى العنف المستشري في المجتمع العربي،ّ أشار الحسيني إلى دور سلطات الدولة التي لا تجمع السلاح كما يجب بتعبيرهِ ‘ترخي من يد وتشدّ من الأخرى’ مناشدًا الجهات المسؤولة بـ’العمل على جمع السلاح فجرائم القتل مستمرة ولا يمكن أن تنتهي إلا بوضع حدّ لها’.

لحظات فاصلة

الوالدة الثكلى بكت بحرقة رغم رباطة جأشها وإيمانها بالله الذي رددت اسمه على مسامعي عشرات المرات إنّه ‘حين وقوع الجريمة كنت في المنزل، سمعتُ صوت مفرقعات واعتقدتُ في بداية الأمر أنّ الصوت ناتج عن قصّ النحاس، لكنني حين نظرت إلى كاميرات المراقبة وجدت نارًا مشتعلة فهرعتُ إلى المكان ومات ابني أمام أعيني’. كلٌّ منّا يمكنهُ أن يتصوّر نظرات الأم الأولى التي ترى ابنها مضرجًا بالدماء.

بالنسبةٍ لأمٍ رأت الرصاص يمزّقُ جسد ابنها، وما زادها ألمًا ما قاله الأطباء أنّهم للمرة الأولى يرون رصاصًا من هذا النوع، حين يستقر في الجسد ينتشر، وقالت لـ’عرب 48′ إننا ‘نعيش في غابة، لا أصدق أنّ من قتل ابني أمامي دون ذنب بشرا… وأنا أسأل بأي حق قتلوه وهو بريء… بأي حق؟’.

مؤسف ومؤلم أن البعض في مجتمعنا العربيّ يتفنن ويتميّز في انتقاء الأسلحة للقتل، وبالرغم من شلال الدماء، أكدت الوالدة أننا ‘لا نعيش في العصر الجاهليّ ولا نريد الانتقام من أحد بل وكلنا أمرنا لله فهو حسبنا ونعم الوكيل ونحن نلتمس العدالة الإلهية، لا نحب أن نؤذي أحدًا، هكذا علّمتُ أبنائي. ابني كان شابا خلوقا مهذبا لا دخل له بالمشاكل، أقول لمجتمعنا يكفي سفكًا للدماء’.

أما الشقيقة الصغرى للمرحوم ذات الأعوام المعدودة في الصف الرابع الابتدائي، فقالت إنّها رأت أخيها ممدًا على الأرض أمامها مصابًا ينزف الدماء حين كانت عائدة من درسها الدينيّ وبدأت تجهش بالبكاء خوفًا، وحين سألتها ما إذا كانت تشعر بالأمان بعد الجريمة أجابتني: ‘لا’، فصمتت وشردت بذهنها الطفوليّ.

العطاء… جزء من البقاء

وأكد الوالد أنه ‘من رحمته كان ابني عبد القادر يتحسب ليجعل من الممات حياة، لقد أوصى ابني عبد القادر رحمه الله، أن يتم التبرع بأعضائه لكل مريض ومحتاج، فكان يقول لي دومًا: ‘يابا في ناس ملهوفة للتبرع، كل عائلة بصيبها مصاب واجب تتبرع لإنو إشي مفيد للناس وفي ناس محتاجة’، نأمل أن تحيي أعضاؤه اشخاصًا غيره بغض النظر عن الديانة التي يحملها المرضى’.

ما قالته الشقيقة الصغرى لضحية العنف والإجرام، بفقدانها الأمان، يطرح السؤال أين تجد الطفلة الأمان إن لم تجده في منزلها ومدرستها؟ وليبقى السؤال الأكبر مطروحًا أمام المجتمع العربيّ عامةً وأهالي الناصرة خاصةً: هل بالفعل ستكون الغُربة أكثر رحمة علينا من وطننا الأم كما كانت لعبد القادر الحسيني؟

عبد القادر الحسيني... حين تكون الغربة أكثر أمنا من الوطن

عبد القادر الحسيني... حين تكون الغربة أكثر أمنا من الوطن

عبد القادر الحسيني... حين تكون الغربة أكثر أمنا من الوطن

عبد القادر الحسيني... حين تكون الغربة أكثر أمنا من الوطن

عبد القادر الحسيني... حين تكون الغربة أكثر أمنا من الوطن

عبد القادر الحسيني... حين تكون الغربة أكثر أمنا من الوطن

عبد القادر الحسيني... حين تكون الغربة أكثر أمنا من الوطن

المصدر :عرب 48/ روى حلاق
أسعار العملات
دولار أمريكي
دولار أمريكي
3.802 - 3.798
دينار أردني
دينار أردني
5.370 - 5.349
يورو
يورو
4.063 - 4.056
الجنيه المصري
الجنيه المصري
0.079 - 0.078
الجمعة 19 إبريل، 2024
17º
الصغرى
العظمى
17º