رام الله مكس – ليلى الخطيب
لا شك أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. و ان هذا العالم الافتراضي له تأثير كبير على جميع شرائح المجتمع و يعتبر الفيس بوك و التويتير و الانستجرام و السناب تشات والتمبلر والتيليغرام واليوتيوب و غيرها من اسرع و أنجح وسائل التواصل و الاتصال و التعارف بين الاشخاص.
حيث تقدر اعداد مستخدمي هذه المواقع بالمليارات، و هذا اكبر دليل على ترسخ مفهوم العولمة في حياتنا و تأثيره الايجابي و السلبي على عقلية و ثقافة الكثير من الاشخاص في العالم.
لقد غيرت العولمة تفكيرالشباب و نظرتهم للواقع السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي ايضا. واصبحت مواقع التواصل الاجتماعي كمنبر للتعبير عن الرأي و إحداث التغيير في المجتمع وتوثيق معظم تفاصيل حياتنا.
في زمننا هذا اصبح الابتعاد عن استخدام التواصل الالكتروني اصعب من الاقلاع عن ادمان المخدرات و التدخين.
وذلك لتوافر الهواتف النقالة الذكية و الاجهزة الالكترونية و بإصدارات متجددة في متناول كل افراد العائلة بدءا من الصغير و حتى الكبير ولسهولة الحصول على الانترنت في كل مكان في البيت و العمل و الشارع و المطعم و المدرسة و حتى في المناسبات و عند زيارة الأقارب او الأصدقاء.
و لكن ان لهذه الوسائل التكنولوجية الحديثة الكثير من التأثيرات السلبية على مستخدميها و بالأخص على فئة الشباب والمراهقين و الاطفال.و مهما حاول الأهل منع و ابعاد اطفالهم عن الانخراط في عولمة الانترنت الا انها اصبحت واقع يشكل حياتنا اليومية بحسب تحديثاته المستمرة، و لهذا يجب يفهم الأهل و المجتمع ضرورة التأقلم و التعايش مع عصر التكنولوجيا بكل تفاصيله.
و تعتبر مواقع التواصل الاجتماعي سيف ذو حدين حسب مستخدميها، فتارة تكون نعمة في تعميم الفائدة العلمية و بناء علاقات اجتماعية سليمة و تقريب وجهات النظر و توفير خدمة الاتصالات المجاني ، و تارة تكون نقمة في نفس الوقت اذا استخدمت في اشغال الوقت الضائع و الفراغ باللهو و بالإساءة للآخرين و التجسس على خصوصياتهم و نقل اخبارهم و التشهير بهم و ابتزازهم.
من أهم المخاطر التي تؤثر على الأطفال و المراهقين عند ادمانهم لاستخدام المواقع و التطبيقات الالكترونية تأثيرات عضوية مثل ضعف النظر و الصداع النصفي و الارهاق و التأثير على استيعاب الدماغ.
و تأثيرات اخرى نفسية مثل انعزالهم عن المجتمع و العالم الواقي و انغماسهم في عالمهم الافتراضي الذي يخلو من المصداقية الحياتية المهمة لصقل و بناء شخصية الطفل و بالتالي يؤدي الى امراض نفسية كثيرة منها التخلف الاجتماعي و الخوف من الاختلاط بالآخرين بالاضافة الى عدم الثقة بالنفس و سهولة الانخداع بالمظاهر و الخجل في التعبير عن الذات .
و يجدر بالذكر الى تدني التحصيل الاكاديمي و قلة النوم و التأخر الصباحي وتكرار التغيب عن المدرسة و فقدان الشهية و الاضطراب النفسي و الاكتئاب.
يحتاج الطفل و المراهق لحب و عاطفة الوالدين و اهتمامهم و انشاء صداقات على أرض الواقع و لكن للأسف يؤدي ادمان استخدام الانترنت الى انسلاخ الطفل عن والديه و الى نقص مفرط في الحنان و تعزيز الذات.
و تتأثر تربية الطفل و المراهق بالمفاهيم و المصطلحات التي يتلقاها من الشبكات الالكترونية بدلا من ان يكتسبها من قيم من محيطه الأسري و مجتمعه.
حيث يبدأ بالتلفظ بما يقرأه او يسمعه من محتوى هذه الشبكات دون ادراكه لمعناها و كيفية استخدامها. بالاضافة فان الانفتاح الالكتروني و بالاخص على ثقافات و عادات مختلفة يجعل الطفل عرضة للكثير من الثقافة الايباحية و تشويه طفولته مما يزعزع ثقته بنفسه و بالتالي ينشأ على تربية غير سليمة تؤثر على سلوكياته مع نفسه و مع محيطه.
و من المخاطر الرئيسية على الاطفال هي . خداع الاطفال و ابتزازهم عن طريق تعرفهم على اشخاص باسماء و حسابات مزيفة لاستدراج الاطفال و الضرر بهم. و في غياب قانون لا يسمح للطفل دون السن القانوني في استخدام هذه المواقع يصبحون الاطفال معرضين اكثر لخطر القرصنة الالكترونية لأجهزتهم و أجهزة ذويهم و لانتهاك خصوصيتهم.
و يجدر الاشارة الى ان السن القانوني لاستخدام الشبكات الالكترونية يترواح من 13-16 سنة حسب محتوى المواقع الالكترونية.
و لهذا يجب على مؤسسات المجتمع المحلي القيام بحملات توعية للأهل و للمدرسيين لتوعية الطلاب و الأبناء بمخاطر استخدام مثل هذه المواقع و اللآثار السلبية للانخراط الالكتروني للاطفال و المراهقين في العولمة.
و يجب التركيز على كيفية مراقبة الاهل لأبنائهم و تنظيم وقت الطفل وقدراته العقلية نحو المستقبل ليكون له دور فعال في المستقبل, ايضا الى كيفية خلق التوازن الضروري بين الواقع الافتراضي و الواقع العملي.
بالاضافة الى القيام بحملات مراقبة لمحلات بيع وصيانة الأجهزة الالكترونية للتأكيد على عدم بيع اجهزتهم للأطفال و المراهقين دون السن القانوني وعدم مساعدتهم في تحميل تطبيقات غير اخلاقية او سياسية او مواقع تعارف غير موثوق بها.