الثلاثاء:
2024-04-16
17º

جهاز "خضوري" للتنفس الاصطناعي.. إبداع هندسي وسفير فلسطين للعالمية

نشر بتاريخ: 29 أغسطس، 2021
جهاز "خضوري" للتنفس الاصطناعي.. إبداع هندسي وسفير فلسطين للعالمية

رام الله مكس- بعد جهد كبير استمر عام ونصف، تمكن فريق هندسي من طاقم جامعة فلسطين التقنية "خضوري" في طولكرم، من تصنيع وتطوير جهاز تنفس اصطناعي "PTUK Ventilator "، بنسخته الثالثة متعدد الوظائف، وهو ما اعتبر إنجازا نوعيا تفوقت وانفردت به فلسطين على دول الشرق الأوسط والعالم العربي.

في آذار 2020، العام الذي وُسم بجائحة كورونا والذي خسر فيه العالم حتى اليوم نحو 4 ملايين و508 آلاف شخص، ترأس رئيس جامعة خضوري الدكتور نور الدين أبو الرب، فريقا من أربعة مهندسين للبحث في طريقة لمواجهة الكارثة التي سببتها جائحة "كورونا" على المرضى.

بدأت المهمة التي وصفت بـ"شبه المستحيلة والمعقدة" بتصنيع جهاز تنفس اصطناعي بأجزائه وتفاصيله الدقيقة، برحلة عمل طويلة في ظل تحديات وعراقيل جمة عاشها الفريق الذي واصل الليل بالنهار بحثا وعملا وتجربة، ليبصر النور من قلب الجامعة ليكون سفير فلسطين للعالمية وبوابتها إلى عالم الصناعات الذكية.

ويقول أبو الرب: "آمنت منذ تولي منصب رئيس جامعة خضوري أنه لا شيء يقف أمام إرادة الإنسان، هذا الفريق المتميز منذ اللحظة الأولى اقتنع بالفكرة وأنه يستطيع أن يقدم إنجازا فلسطينيا متميزا للعالم أجمع، وحققنا هذا النجاح رغم الصعوبات والتحديات التي مررنا بها، وأن هذا الإنجاز ليس إنجاز جامعة خضوري، وإنما إنجاز الشعب الفلسطيني والقيادة، والأمتين العربية والإسلامية".

تواصل الفريق الهندسي بقيادة أبو الرب، مع المئات من ذوي الاختصاص في المجالات التقنية والطبية، وخضع الجهاز للتجربة والفحص مرارا ليكون ضمن المعايير التقنية الطبية والهندسية ويحصل بكفاءته ومميزاته ودقة عمله على الشهادات والاعتمادات المطلوبة.

كل عضو في الفريق كان له تخصصا معينا يفيد في معلوماته وقدراته المهنية في تصميم الجهاز وتطويره، إلى جانب إدارة الجامعة ورئيسها الذي كان يتابع أولا بأول في المختبرات والورش التقدم في الجهاز، وساعد في توفير القطع حتى من حسابه الشخصي، من أجل الاستمرار وعدم إضاعة الوقت.

وحول ماهية هذا الجهاز والمراحل التي مر بها، يقول المهندس الكهربائي محمد سلامة من طولكرم، وهو خريج جامعة خضوري وطالب ماجستير ويعمل محاضرا فيها: "كنا متخوفين في البداية، عملنا على جهاز قديم blu وهو نظام ميكانيكي يشبه المنفاخ، ومع تقدم العمل استخدمنا مجموعة من أجهزة الاستشعار الطبية وذات الدقة العالية جدا، والحديثة (موديل 2020 -2021)، استخدمنا هذه المجسات الحساسة، وصممنا دوائر الكترونية دقيقة جدا، وكانت تجارب صعبة للغاية، بحيث نتمكن من أخذ المعلومات والبيانات بدقة عالية دون تشويش".

وأضاف: "وعبر التجارب والجهد الكبير نجحنا خلال 3-4 شهور في بناء أول جهاز blu، وهو جهاز ميكانيكي يشتغل على "بستون"، ونجحنا في الاختبار له في هيئة المواصفات والمقاييس، وخضع لتجارب صعبة لمدة 97 ساعة متواصلة، وهو ما شكل حافزا كبيرا للفريق ليتطور أكثر، وبدأنا في المرحلة الثانية نعمل في analogue vale بمساعدة الأطباء، بعد 7 شهور كسبنا ثقة الأطباء وهو ما اعتبرناه بداية النجاح"، لافتا أن المهندسين الخبراء وأطباء من الجامعات الفلسطينية والمستشفيات رأوا تجارب هذا الجهاز الذي عمل بشكل متواصل دون أن ينطفئ مدة 100 يوم متواصل، ودون حدوث أي خطأ.

مهندس الميكانيك مفيد علاونة، وهو طالب ماجستير في جامعة خضوري من بلدة جبع في جنين، كان دوره تصميم القطع النادرة التي كانوا يحتاجونها في التوصيلات الهوائية، باستخدام برنامج خاص في الهندسة، وطباعتها على طابعة ثلاثية الأبعاد والبحث عن المجسات واستيرادها وتأمين القطع الطبية التي تلزم الفريق، والتواصل مع المختصين والبحث عن المعلومات الطبية على الانترنت.

ويقول:" واجهنا مشاكل كثيرة منها خلال تجريب أنواع كثيرة من المجسات "السنسورات" منها ما كان ينجح ومنها كان يفشل ويتعرض للخراب وأخرى دقتها لا تناسبنا، كما واجهتنا مشاكل في استيراد القطع بسبب الإغلاق وتأخير وصولها، ومشكلة المواصفات التي كنا نضطر إلى تجربتها حتى نهاية العمل، منها "سنسور" يستخدم في الأجهزة العالمية كان بجودة قليلة وقمنا باستبداله، بآخر ضمان تشغليه لمدة عام، دون أي مشكلة، وهو سنسور الفلور، إضافة إلى سنسور الأوكسجين، وسنسور الضغط، وجميعها تم اختيارها بكفاءة وسرعة ودقة عالية وتوصلنا إلى قراءة دقيقة.

وأضاف: "أضفنا على الجهاز ميزة تتعلق برفع عدد الأنفاس في أجهزة التنفس من 30 إلى 60 نفسا في الدقيقة، وهو ما يعتبر براءة اختراع، وعملنا على إضافة صمامين ثنائي على خط الزفير، غير متوفرة في أي جهاز عالمي هدفها مساعدة على رفع عدد الأنفاس، وكان تحديا كبيرا لنا ونجحنا فيه".

وأوضح علاونة أن جهاز التنفس من أهم وأخطر الأجهزة التي يتعامل معها الإنسان، لذلك يجب أن يكون دقيقا ويراقب وضع المريض بشكل كامل من جميع النواحي، لهذا تم إضافة ميزة جديدة وهي في حال كان الممرض أو الطبيب المناوب مشغولا ولم يتنبه للإنذار الذي يطلقه الجهاز في حال الخطر، فإن الجهاز يعمل على إرسال رسالة نصية تحذيرية للطبيب المناوب، إما ارتفاع ضغط أو انخفاض في الأوكسجين أو فصل في الأنابيب أو تسريب حاصل في الأنابيب، مشيرا إلى أن معلومات الطبيب من رقم جواله ونوع التحذيرات كلها مخزنة في الجهاز.

مهندس الميكاترونيكس يزيد علاونة، ويعمل في الجامعة من سكان جبع في جنين، يقول: "بعد سلسلة من العمل الدؤوب والمشاكل والتحديات، قمنا بإنجاز جهاز جديد بعد تقليص الحجم الأول بنسبة 10%، مشيرا إلى أن مبدأ عمل الجهاز كان مبنياً على مبدأ analogue vale وحقق نجاحا مبهرا في عمل الجهاز، لنعلن في هذه المرحلة أنه جهاز تنفس اصطناعي عام وليس خاصاً لمرضى "كورونا" فقط.

بدوره، يوضح مهندس ميكاترونيكس علي شريدة من محافظة طوباس، خريج ماجستير من جامعة البولتيكنك ويعمل مشرفا وفني مختبر في جامعة خضوري، أن هذا الجهاز هو الوحيد في العالم الذي يتم التحكم فيه من خلالsmart mobile application، وهو الوحيد في العالم الذي يعطينا إنذارات وإشعارات عن طريق الرسائل النصية والمكالمات، مشيرا إلى أنهم اطلعوا على الأنظمة الموجودة في أشهر الأجهزة في العالم وقاموا بجمعها في جهاز واحد، كما يشتمل على نظام يسمى High Flow بحيث أنه ينتج عندنا جهازا واحدا يعطي جميع وظائف التنفس، وفي الوقت نفسه يعطي وظائف جهاز الـ High Flow.

وتتلخص مميزات الجهاز كما يوضحها شريدة، بأنه وعند تشغيله يقوم بعملية معايرة وفحص لجميع القطع الحيوية فيه، وفحص للبيانات، ثم معايرة لمجسات الضغط والأوكسجين والفلور، ثم معايرة لطريقة قياس حجم الهواء الداخل للرئة، ثم فحص إذا ما كان هناك تسريب داخلي للهواء أو الأوكسجين، وبعدها عملية فحص للتنفيس الخارجي، وفحص لمصدر الأوكسجين ومصدر الهواء، وإذا كانت جميع الفحوصات تمت دون أي خلل أو مشاكل فإنه يسمح البدء بعملية التنفس الاصطناعي.

وأشار إلى أن الجهاز يحتوي على عدد كبير من أنظمة التنفس، وتشمل جميع أنظمة التنفس الموجودة في العالم، ويقول: "اطلعنا على كل الأجهزة المشهورة الألمانية والأميركية واليابانية، ورأينا نظام التنفس المميز في كل جهاز، وجمعناها في جهاز واحد حتى يظهر كل هذه الأنظمة، وأضفنا نظام High Flow وهو جهاز مستقل تماما، ودمجناه بجهاز ventilator، إضافة إلى نظام mini volume control وهو نظام جديد تم استحداثه بمساعدة مع الأطباء يتنبأ بحالة المريض من أول نفس.

ويصف المهندس محمود صندوقة، أخصائي أجهزة طبية من القدس، والذي كان على تواصل مباشر مع فريق العمل، الجهاز بأنه "إبداع هندسي من جامعة خضوري بشكل كامل... عملوا أشياء جديدة بإمكانيات وبمواد محلية استطاعوا حل مشاكل في أجهزة عالمية، عندهم المكسر الذي يعمل دمجا ما بين الأوكسجين والهواء الموجود وضبطه"، مشيرا إلى أن الجهاز على مستوى عالمي.

وأكد أطباء أدلوا بشهاداتهم حول الجهاز، أنه لم يمر عليهم جهاز تنفسي بهذه الدقة. ويقول مدير عام المستشفى الاستشاري الدكتور سالم أبو خيزران: "نفتخر بصناعتنا الوطنية ونشجعها، وأن الأهم دائما سلامة المرضى. قمنا باستشارة الأطباء ومنهم أطباء التخدير ورئيس المجلس الأعلى للإبداع عدنان سمارة، وجميعهم أعربوا عن ثقتهم في الجهاز، وأهمية دعمه".

ويؤكد أخصائي التخدير الدكتور عايد سليم، أن الجهاز يضاهي الأجهزة العالمية في تنويع المعطيات داخله ودقته وأمانه على المريض وتعامله مع كافة أنواع المرضى.

وأمس، أعلن في حفل كبير عن تصنيع وتطوير الجهاز تحت رعاية سيادة الرئيس محمود عباس، الذي هنأ "خضوري" على هذا الإنجاز، وقال: "شعبنا الفلسطيني غني بالعقول، هذه العقول التي سترفع رؤوسنا في كل مكان بالعالم.. هذه العقول التي ستبني دولة فلسطين بعاصمتها القدس".

أسعار العملات
دولار أمريكي
دولار أمريكي
3.738 - 3.733
دينار أردني
دينار أردني
5.280 - 5.258
يورو
يورو
3.986 - 3.979
الجنيه المصري
الجنيه المصري
0.079 - 0.078
الثلاثاء 16 إبريل، 2024
17º
الصغرى
العظمى
17º