رام الله مكس - للكاتب الفلسطيني "نبيل السهلي"- طرح الغزو الروسي لأوكرانيا أخيرا أسئلة حول العلاقات الإسرائيلية – الروسية ، وكذلك الهجرة اليهودية الكثيفة من دول الاتحاد السوفييتي السابق وخاصة روسيا الى فلسطين المحتلة. وفي هذا السياق يعتبر الاتحاد السوفييتي السابق من أوائل الدول التي اعترفت بدولة الاحتلال الإسرائيلي، وأقيمت العلاقات الدبلوماسية في مايو/أيار عام 1948.
وقد قطعت العلاقات بين موسكو وإسرائيل في عام 1953 ثم في عام 1956 ثم انقطعت العلاقات في يونيو/حزيران عام 1967؛ إثررفض إسرائيل وقف إطلاق النار في حرب حزيران/يونيو مع الدول العربية؛ لتستؤنف الاتصالات على المستوى القنصلي خلال عام 1987؛ لكن شهد عام 1991 استعادة العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والاتحاد السوفييتي السابق ، وللتواصل العلاقات على كافة المستويات بعد تفكك الاتحاد السوفييتي؛ بين الوريث الروسي ودولة الاحتلال الإسرائيلي.
يعتبر التجمع السكاني الاستيطاني اليهودي في فلسطين المحتلة تجمع مهاجرين يهود أتوا من كل أنحاء العالم تحت رعاية المشروع الصهيوني ودول الغرب الذي دعم توجه الحركة الصهيونية.
وكانت الهجرة اليهودية إلى فلسطين المحتلة عاملاً جوهرياً لتجدد الطاقة البشرية اللازمة لتستمر إسرائيل في دورها الوظيفي المناط بها لخدمة مصالح ومخططات القوى الغربية التي أنشاتها، ومازالت تحافظ على سيرورتها كدولة عنصرية على حساب الشعب الفلسطيني وآلامه ومعاناته اليومية المستمرة منذ أربعة وسبعين عاماً.
الصعود إلى جبل صهيون
وقد دأبت المصادر الصهيونية على تسمية موجات الهجرة اليهودية إلى فلسطين المحتلة “عالياه”؛ أي الصعود إلى جبل صهيون.
واعتبر استراتيجيون أن خزان الهجرة اليهودية كان موجودا حتى بداية عقد التسعينيات من القرن المنصرم في دول الاتحاد السوفييتي السابق؛ وعلى وجه الخصوص الاتحاد ىالروسي.
وقد بدأت هجرة اليهود من الاتحاد السوفييتي السابق بشكل جماعي في أواخر عقد الثمانينيات من القرن الماضي؛ عندما فتحت حكومة ميخائيل غورباتشوف حدود الاتحاد السوفييتي الذي أوشك على الانهيار وسمحت لليهود بالمغادرة إلى فلسطين التاريخية؛ حيث هاجر بعد عام 1989نحو مليون وستمائة ألف يهودي سوفييتي، بمن فيهم زوجاتهم وأزواجهم وأقاربهم من غير اليهود كما هو محدد في قانون العودة الإسرائيلي.
اختار (979) ألفاً الهجرة إلى فلسطين المحتلة، في حين فضلّ (325) الفاً الهجرة إلى الولايات المتحدة، و(219) ألفاً إلى ألمانيا، لكن سرعان ماقرر الآلاف من المهاجرين اليهود السوفييت إلى أمريكا الهجرة إلى فلسطين المحتلة خلال السنوات التالية .
واللافت أن الحركة الصهيونية استخدمت منذ البداية كل أساليب التضليل والترغيب والضغط لحمل اليهود على الهجرة إلى فلسطين، فروجت لأكذوبة “أبدية العداء للسامية”، وحاربت أي اتجاه يدعو لاندماج اليهود في المجتمعات التي يعيشون فيها، ووجدت في حركات اضطهاد اليهود عونا لها على تحقيق برامجها، وتعاونت في ذلك مع الحركات العنصرية كلها، بما فيها النازية؛ وبهذا تعتبر الهجرة اليهودية الركيزة الأهم لاستمرار إسرائيل كدولة أبارتايد.
خزان الهجرة
تعتبر الهجرة الجماعية من الاتحاد السوفييتي السابق التي شهدتها فلسطين المحتلة محطة مهمة في تطور دولة الاحتلال الإسرائيلي.
هذه الهجرة ليست حدثاً فريداً في تاريخ قيام إسرائيل؛ إذ أنها شهدت هجرة جماعية واسعة النطاق بعيد قيامها، في أواخر الأربعينيات ومطلع الخمسينيات بسبب زيف الدعاية والشعارات الصهيونية. بيد أن تلك الهجرة ساهمت في تعزيز البنية البشرية للكيان الوليد، الفتيّ والصغير، لينطلق منها إلى الأكبر فالأوسع.
وأتت الهجرة الجماعية من الاتحاد السوفييتي السابق بعد أربعة عقود لتعزيز البنية البشرية لإسرائيل الموسعة والكبرى، أو التي يأملون أن تزداد اتساعاً ورقعة وحجماً؛ وقد استفادت إسرائيل من الهجرة الجماعية لليهود السوفييت؛ فإلى جانب الكم الديموغرافي وهو هام بطبيعة الحال ؛ ثمة آلاف منهم من الأكاديميين والعلماء والأطباء وعلماء الذرة والمهندسين والطاقات العلمية والعملية المدربة ، والتي بمجملها تساعد في تطور الأداء الاقتصادي وارتفاع معدلات التنمية البشرية.
وقد تبوأت إسرائيل مراتب متقدمة في تقارير التنمية البشرية الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الصادرة بعد خلال العقود الاخيرة ؛ وكنتيجة مباشرة لهجرة اليهود السوفييت، بات يقطن إسرائيل ما يزيد عن مليون مستوطن يهودي من دول الاتحاد السوفييتي السابق، وخاصة روسيا التي تربطها علاقات متينة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.