الأحد:
2024-04-28
17º

الضربات الموجهة لسوريا لم تؤثر على قوة الدولة والرئيس

نشر بتاريخ: 17 إبريل، 2018
الضربات الموجهة لسوريا لم تؤثر على قوة الدولة والرئيس

رام الله مكس – يمكن للرئيس السوري، بشار الأسد، أن يتنفس بسهولة، كما يمكن لرعاته الروس والإيرانيين، التنفس بسهولة، كصباح يوم عادي مشرق. فالضربة التي قام بتوجيهها طيران التحالف الغربي، المكون من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، بين عشية وضحاها، ضد منشآت الأسلحة الكيميائية على الأراضي السورية، كانت محدودة جدا، وغير مؤثرة.

وبالتالي، لم تتمكن الضربة من احداث أي ضرر دائم، او عميق، او مؤثر على النظام السوري. وبالتأكيد لم تؤدي الضربة الى فرض اية معادلة جديدة على نظام الأسد، بحيث يعيد التفكير ثلاث مرات قبل الاقدام على استخدام مثل هذه الأسلحة مستقبلا.

وقد أراد الحلفاء الغربيون الثلاثة ردع الأسد، لا أكثر. وابلاغه برسالة مفادها ان استخدام الأسلحة الكيميائية سيكلفه الكثير، وأن المجتمع الدولي سيرد بقوة على اية انتهاكات أخرى لمعاهدات حظر تصنيع ونشر الأسلحة الكيميائية.

وعلى الرغم من ذلك، يمكن الاستنتاج بسهولة ان ضربة محدودة كهذه لن تحقق هدف لجم النظام السوري عن استخدام هذه الأسلحة. وقد يُفترض-حتى بعد الضربة، وإدراك ان تأثيرها محدودا للغاية-ان الضربة لن تؤثر في النظام السوري، طالما أنه يحظى بالدعم والتغطية من روسيا. ولهذا، قد يعود الأسد الى استخدام الأسلحة الكيماوية ضد شعبه، وربما ضد إسرائيل في أي وقت، في حال أحس بالخطر.

وبتعبير اخر، أراد قادة الدول الثلاث التي شنت الهجمات، دونالد ترامب وتيريزا ماي، وإيمانويل ماكرون، رفع بطاقة حمراء، وبشكل حازم، في وجه بشار الأسد وفلاديمير بوتين. غير انه تبين ان هذه البطاقة ما هي الا بطاقة صفراء، وصفراء شاحبة.

وربما يدرك القادة السوريون الان أن الغرب لن يظل صامتا حيال هجوم كيميائي آخر، حتى لو تم باستخدام غاز الكلور، الذي يفترض أنه غاز غير مميت، علما ان الهجوم الأخير في منطقة “دوما” كان مميتا الى ابعد حد، ربما لأنه تم استخدام تركيز عال من الكلور، ضد أشخاص موجودين في ملاجئ مغلقة تحت الأرض.

غير ان الثمن الهزيل الذي دفعه النظام السوري جراء الضربة، أظهر أيضا أنه طالما أن الأسد يتمتع بالرعاية الروسية، فإنه يستطيع الاستمرار في طريقه، وفي سلوكه دون عقبات، ودون عقوبات.

وإذا كان المقصود من الحلفاء الغربيين هو إرسال رسالة ردع إلى الأسد عن طريق عمل عسكري محدود، فعلى هذه القوى ان تتذكر ان ما فعلوه ما هو الا عملية تكرار لما فعله ترمب قبل عام بالضبط. عندما قام بإطلاق (55) صاروخا، من طراز “توما هوك”، على أحد المطارات السورية، التي قيل ان الهجمات الكيميائية انطلقت منها في العام الماضي.

ومن الواضح ان الأسد لم يرتدع من الضربة السابقة. وربما قام فوق ذلك بمضاعفة عدد الصواريخ التي يعدها، وربما قام بتطوير منشات الأسلحة الكيميائية التي يمتلكها، وبالتالي فهو لم يغير موقفه ولا اسلحته. وعلى الاغلب لن تحدث الرسائل الغربية أية استجابة لدى الأسد، وستظل اذانه صماء، ما دام الروس يقفون وراءه.

وفي الحقيقة، لا يتحدث بشار الأسد سوى لغة واحدة، هي لغة القوة. ولا يخشى كبار مسؤولي نظامه سوى من شيء واحد، وهو فقدان السيطرة على الأراضي السورية. وبالتالي، فان أي شيء اخر، لا يهدد النظام السوري بشكل وجودي، لا يمكن اعتباره تهديدا بالنسبة الى المسؤولين السوريين.

ومن المتوقع ان الحلفاء كانوا ينوون في بداية الامر توجيه ضربة قوية الى رموز النظام، وربما إصابة قصر الأسد بصاروخ مدمر، وتدمير مهابط الطائرات في المطارات الرئيسية، وتدمير بطاريات المضادات الأرضية المضادة للطائرات المهاجمة، لكن أي شيء من ذلك لم يحدث.

الضربة بعيدة عما توقعته إسرائيل

وعلى العكس من أسلوب “الضربة الواحدة المدمرة”، التي تحدث عنها وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، فان “الضربة الثلاثية” لم تصب سوى بعض البنى التحتية للأسلحة الكيميائية في سوريا، وبعض المنشآت الجانبية غير المؤثرة. وفي التقدير الإسرائيلي، كانت الضربة دون المستوى المتوقع، واقل بكثير مما كان يمكن القيام به، وفق الكاتب. خصوصا أن الأهداف التي ضُربت لا يمكن ان تهدد وجود النظام، أو قدراته على مواصلة جولاته القتالية، والانتصار على الجماعات المتمردة.

وإذا كان هناك ردع ما حدث بعد تلك العملية، فهذا يعني بان من تم ردعهم هم الأمريكيين والفرنسيين والبريطانيين ليس إلاّ، لأنهم كانوا حذرين بشكل مفرط من اختيارهم للأهداف، خوفا من إثارة غضب بوتين، وبالتالي كانت أهدافهم “شكلية” وغير جوهرية. وفي هذا السياق، زعم وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، ورئيس هيئة الأركان المشتركة في قواته، جوزيف دانفورد، أن محدودية الضربة ترجع الى ضرورة تجنب إيذاء المدنيين، أو احداث اضرار جانبية اخرى، وفق الكاتب.

ولكن حقيقة الامر غير ذلك. فالخوف الحقيقي، في اختيار الأهداف، كان تحسُّبا من ان يستيقظ “الدب الروسي” الخامل، وليس خوفا على الأبرياء، ولا على المدنيين. وقد سقطت القذائف بالقرب من دمشق وحمص طيلة الليل، وكانت “جميلة وجديدة”، كما روج لها ترمب. لكن تأثير الردع للضربة كان لا شيء. وقد حملت الضربة قذائف دقيقة، وبلغت كمية المتفجرات التي حملتها الصواريخ والقنابل الموجهة هذه المرة-على مراكز البحث العلمي الأربعة، ومرافق الإنتاج والتخزين والتحكم بالأسلحة الكيميائية-ضعف الكمية التي استخدمتها الولايات المتحدة في ضربتها العام الماضي.

وعلى فرض ان الضربة حققت هدفها، ولم يبق أي مختبر أبحاث واحد، او مصنع واحد للأدوية، دون تدمير، فإن سوريا ما تزال تمتلك معرفة علمية واسعة، لصناعة أسلحة إضافية، كما انها تمتلك عشرات العلماء الذين ساهموا في صناعة أسلحة غير تقليدية طيلة سنوات عديدة، وفق الكاتب.

وعلى فرض ان الضربة اثرت على المخزون السوري من الأسلحة الكيميائية، فان من السهل للغاية الحصول طرق انتاج هذه الأسلحة، والمواد الخام المتصلة بها، من الاسواق المختلفة، تحت ستار إنتاج المخدرات. وإذا كان الحظر الغربي على سوريا يمنع تصدير مثل هذه المواد والآلات إلى سوريا، فمن المؤكد ان روسيا وإيران ستملان الفراغ، وسيحصل الأسد على ترسانة جديدة من الأسلحة الكيميائية مرة أخرى، وفي وقت قصير.

إذن، فالرد الغربي الضعيف، على أكثر من (50) مرة استخدم فيها نظام الأسد الاسلحة الكيميائية، سيقوي شوكته في المرات المقبلة، وقد يفكر في استهداف إسرائيل وعواصم شرق أوسطية أخرى ان أحس بالخطر على نظامه.

وهذه ليست بشرى سيئة لشعب سوريا فقط، ولكن لإسرائيل أيضا. لأنه من المؤكد ان أولئك الذين استخدموا الأسلحة الكيميائية لقتل شعبهم، لن يترددوا في إطلاقها على إسرائيل، إذا شعروا ان نظامهم في خطر.

اما إسرائيل، فلن تنتظر وحسب. فقد عمدت كالعادة الى الاعتماد على قوتها الذاتية، وبناء الاستعدادات الهجومية والدفاعية، لردع سوريا عن تجاوز “الخط الأحمر الكيميائي” تجاه جارتها إلى الجنوب، إسرائيل، وفق الكاتب.

ترجمة: ناصر العيسة، عن: موقع “واي نت” بالإنجليزية

أسعار العملات
دولار أمريكي
دولار أمريكي
3.785 - 3.776
دينار أردني
دينار أردني
5.347 - 5.318
يورو
يورو
4.054 - 4.044
الجنيه المصري
الجنيه المصري
0.079 - 0.079
الأحد 28 إبريل، 2024
17º
الصغرى
العظمى
17º