جنين-رام الله مكس- متابعة مصعب زيود :تقع قرية تعنك إلى الشمال الغربي من مدينة جنين، على بعد عشرة كيلومترات، وهي محاذية لطريق جنين– حيفا الذي قطع بالموقع العسكري “حاجز سالم”الاحتلالي.
وتتربع القرية على سفح تل أثري قديم يعود للعهد الكنعاني، وتعاقبت علية الحضارات القديمة مثل الحضارة الرومانية، كما استولى عليه الفرنجة أثناء احتلالهم لفلسطين، وتحوي آثارا كنعانية مختلفة،وتعتبر هذه القرية من أقدم القرى، وتقوم على البقعة التي كانت عليها بلدة (تعنك) الكنعانية.
وسميت تعنك بهذا الاسم، نسبة لورودها في الأسفار التوراتية وبعض كتب الإنجيل، ويعني ذلك في اللغة الكنعانية الأرض الطينية الرملية الخصبة، وذلك لإشرافها على أرض سهل مرج بن عامر، وذكرها منقوش على أحد أهرامات مصر حيث وقع ملكها صلحا مع فرعون مصر (تحتموس الثالث) الذي احتل تل مجدو (المتسلم) الذي يبعد عن القرية 12 كيلومترا.
كما يرجع جذور سكانها الحاليين إلى العهد العثماني حيث جاءوا إليها من مناطق القدس، والخليل، وقرية السيلة الحارثية المجاورة، ويبلغ عدد سكانها حاليا حوالي 1500 نسمة.
ويوجد في القرية مؤسسات رسمية وأهلية، والتي تتشكل من مجلس قروي يتكون من سبعة رجال وامرأتين، ونادي رياضي، وجمعية تعنك الخيرية وأخرى للسيدات، إضافة إلى مركز يهتم بأمور الثقافة.
يعتمد سكان القرية على الزراعة البعلية المختلطة، ومن محاصيلها المندثرة الذرة البيضاء والسمسم والبطيخ، التي حل محلها الحمص والبرسيم إلى جانب الزراعة التقليدية للقمح والشعير، وأما الأشجار التي أصبحت عنوان الزراعة في القرية هي شجر الزيتون.
وتحتوي القرية على أثار، تعد حلقة وصل بين العصور القديمة جدا وحتى الوقت الحاضر، ففيها أقدم تجمع سكاني في فلسطين، ذلك حسب دراسة أثرية أمريكية قام بها مدير الجامعة الأمريكية في القدس الدكتور “لآب الأمريكي”، ومن ثم الآثار الكنعانية والفينيقية، ويدل عليها وجود الأواني الزجاجية والفخارية والبرونزية التي عثر عليها في قبور داخل كهوف القرية.
كما أن الحضارة الرومانية والبيزنطية مرت من القرية التي تعرف من قبورها الموجودة في الكهوف، إضافة إلى وجود الأخاديد والتوابيت التي تعود لأصحاب الثروة والجاه، ومن ثم الحضارة الفرعونية التي وصلت بقيادة تحتمس الثالث الذي وقع عهدا مع الأهالي وكتب ذلك على أحد أهرامات مصر.
وترتبط القرية بالفتوحات الإسلامية، فهناك قبور تعود للحروب الإسلامية ضد الصليبين، والدراسات الأثرية الحديثة لجامعة بير زيت أظهرت أن القرية عمرت وازدهرت في نهاية العهد العثماني والاحتلال البريطاني، ليأتي بعد ذلك الحكم الأردني والاحتلال الإسرائيلي.
أما عن الدراسات الأثرية الأولى للقرية، فكانت من خلال بعثة ألمانية في فترة التقارب العثماني الألماني ومن أهم المعالم الأثرية التي لا تزال شاهدة للعيان: مسجد القرية، وسور التل، ومنطقة السرايا، والحمام، والكهوف التي كانت تستعمل كمساكن ومقابر واسطبلات للخيول، إضافة إلى الآبار التي كانت تستعمل لجمع مياه الأمطار وحفظ الغلال.
وعن المؤسسات التعليمية في القرية يوجد مدرستان أساسيتان واحدة للذكور وأخرى للإناث، ويكمل طلبة القرية تعليمهم في مدارس قرية السيلة الحارثية المجاورة، وتعتبر نسبة التعليم الجامعي في القرية مرتفعة جدا على مستوى محافظة جنين.