رام الله- رام الله مكس
على جوانب الطرقات وبين الصخور الجرداء وفي تلك المناطق المهجورة تنمو الكثير من النباتات الطبية المعروفة بفوائدها العلاجية ، ومنها نباتات “الطيون” البرية الغنية بكثير من المواد التي تمتلك –وفقا للخبراء- قوة خارقة في حل كثير من المشاكل الطبية.
أنيولا العطرية أو الرأس الأصفر الكاذب أو قاتل البراغيث أو الطيون, نبتة طبيعية معمرة تنتشر في بلادنا بكثرة, لكنها ما زالت كنزا مدفونا لم يستطع الناس إلى الآن الاستفادة منه كما يجب.
بلونها الأصفر المائل إلى البرتقالي وأوراقها الشبيهة بالرماح وملمسها الدبق,وقاعدتها الخشبية, ورائحتها الكافورية النفاثة, شكلت عشبة الطيون المعمرة ولا تزال علاجا لكثير من الأمراض والحالات الطبية المستعصية, حيث تنمو بكثرة في المناطق الرطبة وتنتشر بغزارة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب أوروبا, وهي –وفقا للدراسات- تعتبر من الأعشاب المساعدة في علاج البواسير و آلام المفاصل إضافة إلى قدرتها على إيقاف النزيف, ويمكن القول أنها تعد علاجا ل40 مرضا تقريبا.
“زمان الطيون كان مونتنا” هذه كانت الكلمات الأولى للحاجة سمية محمد (70 عاما) من قرية حجة قضاء قلقيلية, مشيرة إلى أنهم كانوا قديما يكثرون من استخدام نبتة الطيون في علاج كثير من الأمراض, وتضيف: ” كنا نستخدم الطيون لعلاج الجروح ووقف النزيف, وهي أيضا تعمل على علاج آلام القدمين.”
ويروي السيد جمال رمضان (55 عاما) من قرية تل قضاء نابلس قصة نجاح عشبة الطيون في التخفيف من الآلام الحادة التي كان يعاني منها في المفاصل قائلا : ” كنت أستخدم كمادات من الطيون وأضعها على موضع الألم وكان لها الدور الأكبر في التخفيف من الآلام الحادة التي لم تستطع الأدوية الكيماوية تخفيفها.”
أما صاحب محل بريك للعطارة في مدينة نابلس زاهي بريك قال ل”إيلياء” –عند سؤاله عن الطيون-: ” الطيون موجود بكثرة في بلادنا ولا داعي لبيعه في محلات العطارة, و ما أعرفه أن المادة المفيدة موجودة في زيته وهو فقط يستخدم خارجيا والطيون حسب المتعارف عليه يحتوي على مادة سامة قد تسبب الموت في حال تم تناوله.” في سياق متصل يشير صاحب محل الشخشير للعطارة عطا الشخشير إلى أن الناس لا يطلبون الطيون بكثرة بالرغم من أسعاره المنخفضة, ويضيف: ” الناس لم يدركوا بعد أهمية الطيون رغم أن الدراسات أثبتت فوائده الطبية العديدة فهو مفيد جدا للبشرة ويعالج البواسير إضافة إلى أنه يعمل على تنشيط الدورة الدموية ويعالج العقم, ومعظم أو حتى جميع الذين طلبوه واستخدموه أكدوا فعاليته الكبيرة.”
أما المهندس والخبير في الأعشاب الطبية صالح أبو شهاب صاحب محل شهاب للعطارة في البلدة القديمة في مدينة نابلس يقول: ” الطيون منتشر في كل مكان في بلادنا, وهو مستخدم لعلاج أمراض الروماتيزم والمفاصل إضافة إلى أنه يقوي جهاز المناعة ويستخدم مغليه في فتح المجاري التنفسية,” ويشير أبو شهاب إلى أنه يمكن الاستفادة منه إما بغليه واستنشاقه أو دقه وعصره واستخراج زيته الذي يحتوي على المادة الفعالة, مؤكدا على أن الطيون يعتبر مادة سامة في حال تم تناوله بكميات كبيرة مشيرا إلى خطأ الاعتقاد الشائع بكون الطيون مادة قاتلة في حال تم تناوله, ويضيف: “الطيون لم يعد فقط وصفة شعبية بل أصبح وصفة طبية معترف بها من قبل الأطباء.”
وفي ذات السياق يقول مدير مركز الانطاكي للتداوي بالأعشاب والخبير في مجال الأعشاب الطبية الدكتور محمد شربيني: ” من أهم فوائد الطيون قدرته على التخلص من الحشرات الضارة لذلك يسمى بقاتل البراغيث إضافة إلى أنه مسكن قوي للألم كما أنه يدخل في علاج وتجميل البشرة فيستخدم في كريمات البشرة والكريمات التي تساعد في التخلص من حب الشباب, ويضاف إلى ذلك قدرته في إيقاف نمو البكتيريا والفطريات كبكتيريا المعدة والأمعاء وهذه العشبة أيضا تعد من مضادات الأكسدة وتساعد في الوقاية من السرطان ومقاومة الهرم, وهي-وفقا للدراسات- تشكل علاجا لحوالي 40 مرضا, ويمكن لنا القول أنها تمتلك قدرة خارقة في القضاء على أي ضرر قد يصيب الجسم.”.
ويضيف شربيني : ” بالرغم من انتشاره الكبير إلا أن الطيون ليس معروفا كما يجب بين الناس وبالتالي لم يحسن استخدامه جيدا,” مشيرا إلى أن السبب في ذلك يعود إلى قوانين وزارة الصحة التي تقيد عمل البحوث والدراسات كما أن ضعف الإمكانات أسهم بشكل كبير في الحد من القدرة على الاستفادة من النباتات الطبيعية.
رغم كل سلوكات الإنسان المدمرة للطبيعة, إلا أنها تثبت يوما بعد يوم أنها ستبقى خط الدفاع الأول عن صحة الإنسان, وما زالت تثبت بما فيها من كنوز أنها ستبقى ذاك الأمل الذي يلامس قلوب كثيرين كانوا قد فقدوه.
تقرير: ميساء ابو زهيدة
