السبت:
2024-05-04
17º

رحلة الشهادة

نشر بتاريخ: 11 يونيو، 2017
رحلة الشهادة

رام الله مكس – كتب يزن ابو سمية

في صباح السابع من شهر أذار عام الفين وعشرة قررت عائلة بسام أبو عواد المكونة من ثمانية أفراد الخروج في رحلة ترفيهية من بلدة بيرزيت قضاء مدينة رام الله الى مدينة أريحا لقضاء يوم مليء بالفرح والسعادة بعيدا عن الحياة الروتينية المملة والمعتادة, وبعد انقضاء نهار طويل قضته العائلة في لهو ولعب وسعادة , حان موعد العودة الى البيت الذي تتنتظر جدرانه حكايات يوم شيق عاشته العائلة ونيل ليلة هادئة ينامون فيها حتى أوقات متأخرة من الصباح.

و في الطريق الى البيت وانا واخوتي في سبات عميق من شدة تعب هذا اليوم وفي غضون لحظات ما بي الا ان اصحو على صوت اشبه بانفجار كبير و دوي اصوات صارخة , هكذا سرد فراس الابن الاكبر لعائلة ابو عواد و الناجي من رحلة الشهادة اللحظات الاولى للحادث , يقول فراس بينما اخواتي نائمين في المقاعد الخلفية و انا احاول ايجاد متسع اكبر للنوم بجوارهم اذ بجيب عسكري اسرائيلي يتجاوز بسرعة فائقة سيارتنا , هذا التجاوز الذي حرف فيما بعد ليس ققط مسار السيارة انما مسار حياة عائلتي , وغير المعادلة باستبدال نهايته السعيدة بالرحلة بنهاية تعيسة حملت معها الحزن والاسى بفقدان أمي و أبي و أخوتي .

فراس ابو عواد الابن الاكبر للعائلة والبالغ من العمر خمسة عشرة عاما بقي وحيدا يعانق الالم الذي حل بعائلته و في التفاصيل, قال فراس: بعد ان قطعنا الجيب بهذه السرعة الاشبه بسرعة البرق اذ بلجيب يقف في منتصف الطريق في غضون البصر , بلا سبب بلا ظرف قسري يجبره على التجاوز و الوقوف بهذه الطريقة الوحشية , و كأن ظلم من بداخله وحقدهم اللا متناهي قرر وضع حد لفرح وسعادة عائلتي واخوتي الذين لم تتجاوز اعمارهم عن السبع سنوات إذ قاموا باغلاق الطريق بواسطة جيب عسكري من نوع (هامر) لإفتعال الحادث مع ابي الذي لم يجد مهربا لتفادي هذا الحادث .

و بعد الإصطدام القوي , و لك ان تتخيل قوة الاصطدام بجيب عسكري ! قال فراس .. حاولت تحريك اطرافي لم استطع , نعم شعرت بشلل كامل اصاب جسدي من قوة الاصطدام انظر الى اليمين تارة و الى الشمال تارة اخرى لم ارا شيء سوى دماء تسود كل ركن من السيارة .. قال فراس… و بعد لحظات نظرت الى ابي و هو يحاول فك حزام الامان بصعوبة لينزل من السيارة والدماء تسيل من وجنتيه نظر الى امي فوجدها تلتقط انفاسها الاخيرة , نظر الى اخوتي فلم يجد في المقعد الخلفي سوى أخي محمود وأختي جنات مستلقيان وملامح الموت ظاهرة عليهما, ثم صرخ بإسمي فراس انت بخير؟, إين أخوتك؟ , ما الذي حصل!! , هي عبارات غير مفهومة , قال فراس … لم يتمالك أبي نفسه صرخ وركض باتجاه أقرب جندي لينهال عليه بالضرب والناس تمسكه من كل جانب لتهدئته الى انه سرعان ما انهار واستلقى على الإرض مغما عليه .

يسكت قليلا ثم يقول لا اعرف من اين ابدا او عن من اتحدث فأيهما اصعب فراق الأم ام الأب؟ و ما هو شعور فقدان اخوتك في نفس اللحظة , قال فراس … امتلأ الطريق بسيارات الشرطة الأسرائيلية و هرع الناس الى مكان الحادث ووصلت سيارتا اسعاف الى مكان الحادث سيارة اسعاف فلسطينية نقلتني انا و أبي وأمي وأخواتي الى مستشفى رام الله .

لم يكن منهم سوى ابي حيا حتى تلك اللحظة ,وسيارة اسعاف اسرائيلية نقلت زوجة ابي الى مستشفى هداسا نظرا لوضعها الخطير.

اين بقية اطفالي ؟ لم تفارق ابي هذه الجملة طيلة الطريق , قال فراس…وبعد وصلنا المستشفى بدات عملية البحث عن اخي يوسف واختي ايات , يوسف الذي وجدوه ميتا ممزق الملابس والدماء تغطي وجهه وانحاء مختلفة من جسده معلقا على شجرة سرو بجانب المكان , اما عن ايات التي اختفت لساعات, حتى قام الاسرائيليون بإلقاء القنابل المضيئة في سماء مكان الحادث ليجدها عمي على بعد ثلاثين مترا من المكان ميتة على الارض , يسكت فراس للحظة ليعيش فيها دمعتا ابت الا ان تنزل من عينه ثم يكمل بصوت مرتجف مخنوق بالكاد يسمع، نعم لقد وجد عمي اختي ايات ميتة وحملها بيد وباليد الاخرى حمل دماغها! .

سكت فراس طويلا هذه المرة , يديه وقدميه ترتجفان توترا فقلت له محاولا إعادته الى جو الحدث واباك يا فراس ماذا حصل له ,لم انتظر طويلا حتى اسمع الإجابة فقال عندما نقل ابي الى المستشفى وضعوه على السرير ولم يفحصه الاطباء جيدا على الرغم من ان ابي كان يشكو من الم في صدره ولكن لم ينتبه عليه احد بسبب الارباك والصدمة التي حلت في كل ارجاء المكان، وبعد ان مات اكتشف الاطباء انه كان يعاني من نزيف داخلي , يتحدث فراس الان بصوت محشو بالغضب زوجة ابي نقلت الى هداسا في وضع اخطر من ابي وهي حية الان ,كيف سمحوا له أن يموت ..

كانت النتيجة في النهاية استشهاد أبي وأمي وأخوتي الأربعة أما انا في تلك الليلة فقد قدر لي ان أعود برفقة عمي ومنذ خمس سنوات، اتسائل في كل ليلة لماذا لم أكن برفقتهم, جدتي تقول (انكتبلك عمر جديد يا ستي ) ولكنني غير مقتنع بالاجابة .. ” لماذا يمنح الله لي عمرا ويسلبه من عائلتي… فانا اشبه بانسان ميت الان.

أسعار العملات
دولار أمريكي
دولار أمريكي
3.753 - 3.746
دينار أردني
دينار أردني
5.300 - 5.277
يورو
يورو
4.021 - 4.014
الجنيه المصري
الجنيه المصري
0.079 - 0.078
السبت 04 مايو، 2024
17º
الصغرى
العظمى
17º